Get Hold Of تاريخ المغربمن مولاي إدريس إلى محمد السادس Written And Illustrated By دانييل ريفيه Available Through Digital Format
المغرب/ من مولاي إدريس إلى محمد السادس" لكاتبه "دانييل ريفيه ريفيه أستاذ لمادة التاريخ المعاصر سبق ودرس في كلية الآداب بالرباط في فترة الستينات ومعظم أبحاثه تتمركز حول المغرب الكبير في الحقبة الاستعمارية.
نحن هنا إزاء نظرة غير مغربية لتاريخ المغرب من كاتب يحمل خلفية المستعمر متأثر بالمؤرخ عبد الله العروي كما يظهر من النص ومدفوعا لاختياره هذا الموضوع بالمظاهر الحياتية البسيطة للمغاربة التي رافقته طيلة جولته في تاريخ المغرب مثل شيخ في محطة قطار فتاة ترتدي جلبابا في حافلة شبان يغادرون مسجدا
بداية نجد الكاتب يتساءل عن جدوى كتابة تاريخ المغرب! وعن أي حقبة يفترض الانطلاق منها! هل من العصر الحجري أم من فترة المماليك البربرية! أم كما يفضل هو من بداية القرن الثامن ميلادي! باعتبار أن تاريخ المغرب الحقيقي بدأ منذ ذلك الوقت بخلاف ما يدعو إليه العروي حيث يرى ريفيه أن المغاربة قبل هذا التاريخ كان لهم انكفاء هوياتي على الذات ومقاومة شديدة للثقافات القادمة من بعيد ما عدا الثقافة العربية الإسلامية التي اعتمدوها وأسهموا فيها بالرغم من أنها مغامرة قد تسيء إلى هذا التاريخ الذي لا يبدأ طبعا مع دخول الإسلام عموما بالنسبة له كتابة تاريخ المغرب هي كتابة تاريخ المعتقد على هذه الأرض وتاريخ البحث المستمر عن الرزق وتاريخ السلطات السياسية التي تعاقبت على حكم البلاد وتحكمت في مصائر العباد مع إشارة إلى أن التاريخ لا يتوقف في محطة نهائية وأن تركيزه سيكون على ما كان ممكنا أن يحدث وليس فقط ما حدث إذ ينظر للمغرب بصفته واقعا يطرح إشكالية من واجب المؤرخ أن يفككها ويعيد بناءها من جديد من دون أن يختزلها في معادلة بسيطة تحجب المعاني الحقيقية للبلاد.
سفر تاريخي طويل يقدم نظرة ملمة لتاريخ المغرب يدرس من خلالها القارئ التحولات الاجتماعية والسياسية وطريقة تغيرها قيام امبراطوريات على أنقاض أخرى صراعات على كرسي السلطة بمبررات دينية وعرقية لا تلقي اعتبارا لنظافة اليد من سفك الدماء وما إلى ذلك من تعسفات وقمع وانتهاك للحقوق المغرب الكبير بامتداده بقبائله بتجارته بتعايشه بنزاعاته بمجاعاته بتقدمه في الزمن بقدوم المستعمر والاستقلال إلى مغرب اليوم المغرب الحديث إنه تاريخ بلد ذو تركيبة عجيبة لا تخلو من ألغاز وتاريخ الإنسان المغربي وما أدراك ما الإنسان المغربي الذي يساهم في إسعاد البشرية كلها كما يقول صاحب الكتاب. من الكتب التي تطلع القارئ على تاريخ المغرب منذ
مولاي إدريس إلى الملك محمد السادس ولا يقتصر الكاتب فيه بسرد الأحداث التاريخية وإنما يعطي أحيانا تحليلا للواقائع
يغوص الكتاب في كينونة الإنسان المغربي عبر تاريخه الممتد بين تناقضاته وتعقيداته المتكاملة والمتجانسة فيما بينها تبرز في طابع الجغرافي للبلاد التي تلاحقت ثقافتها وأفكارها بين الجبل والسهل تارة والصحراء والبحر تارة أخرى بين الحواضر الكبرى والقبائل المجاورة بين سيادة المخزن والسيبة بين الأمازيغي والعربي والأندلسي والمسلم واليهودي أحيانا تجد صراعا بينهم وأخرى تلاحما ضد عدو مشترك فالكتاب يحاول دراسة الاستثناء المغربي المتناقض المعقد والمتجانس في الآن نفسه بين الحضور الروماني ثم الفتح الإسلامي فبصم المغربي طابعا خاصا به للإسلام ثم عناصره الاجتماعية المتداخلة والمتضافرة فيما بينها والبحث عن ذاته وعن مركز يرتكز عليه فكان عهد الامبراطوريات المرابطية والموحدية أساسا في ذلك بحيث بدأ ترسيخ المعتقد الديني الإسلامي وطبيعة المجتمع والسلطة السياسة وفي العهد المريني والسعدي نشأت فئات جديدة ونظم مخزنية أصبحت لها قدسية وسيادة لدى المجتمع من الصلحاء والأولياء والرباط والزوايا ثم مفهوم الشرفاء الذي رسخ لدى السلطة السياسية وتطبعت فيه تقاليد وعادات والتشبث بها.
ثم جاء القرن التاسع عشر الميلادي قرن التحولات ومواجهة الاستعمار الذي تمخض عنه فرض الحماية فيمارسفالمقاومة الشعبية من القرى ثم الحواضر والتغيرات الاجتماعية العميقة وإن كانت سطحية في المدنية واللباس واستعمال التقنيات الحديثة آنذاك بعدها مرحلة الاستقلال وبناء الدولة الحديثة على مرتكزات القديم الجديد من سلطة إمارة المؤمنين والسلطنةالملكية في السعي نحو الملكية البرلمانية ثم مجتمع متغير بين تقاليده وتاريخه والتطلع إلى الحداثة والتقدم.
فالكاتب استلهم قراءته للتاريخ من الأفراد العاديين داخل المجتمع ومن ملاحظاته للمجتمع المغربي فهي نظرة الآخر الفرنسي هنا لتاريخ المغرب الذي يعد بالنسبة إليهم مركب ومعقد مرسخ في عالم أسطوري تقليدي متناقض والغريب أنه متجانس كما يعد دانييل ريفيه كتابة تاريخ المغرب "كتابة تاريخ المعتقد الديني على هذه الأرض وتاريخ البحث المستمر عن الرزق وتاريخ السلطات السياسية التي تعاقبت على حكم البلاد وتحكمت في مصائر العباد"
فقد درس تاريخ المغرب ليس بطريقة سردية للأحداث بل طريقة تحليلية حاول فيها إبراز الأحداث السياسية المتلاحقة في تطوير تركيبة المجتمع المغربي في تسع فصول
فالأول مقتصر على التفكير في المغرب تطرق فيه إلى طبيعة المجال الطبيعي والسكان والسلطة
والثاني من التاريخ القديم إلى الفتح الإسلامي الأول تحدث فيه عن الإرث الروماني وظروف الفتح وأسلمة المجتمع بتميزه الخاص
أما الثالث فالحديث عن عصر الامبراطوريات المرابطية والموحدية وما رسخت في مجال العقيدة والعمران
في حين أشار في الرابع إلى العهد المريني وبداية الأولياء والشرفاء
والفصل الخامس كان لعهد السعديين وبداية السلطنة الشريفة وبناء الدولة في عصر تغيرت فيه موازين القوى بالبحر الأبيض المتوسط
والفصل السادس كان الحديث عن بروز العلويين وسيادتهم على المغرب متشبثين بالتقاليد ومرسخين للمخزن وسلطته
ثم الفصل السابع أبرز الكاتب فيه حول مواجهة التوسع الاستعماري وتحدي الإصلاح بين السلطة والفقهاء والمجتمع
أما الثامن فهو عن فترة الحماية بحيث نجد لدى الكاتب نفحات لتمجيد سياسة ليوطي ومن تبعه من المقاومين الذي حاولوا تحديث المغرب رغم ما وجهوه حسب الكاتب من إسلامي أصولي وفكر تقليدي متخلف
وأخيرا الفصل التاسع المغرب المعاصر ما بين الاستقلال إلى سنةم وفاة الملك الحسن الثاني والتحديات التي واجهها المغرب في بناء الدولة على أنقاض التاريخ والتناقض ما بين كما يراها الكاتبالتشبث بالدين والتقاليد والتطلع للتحديث والتطوير
كتاب مميز يمكننا من معرفة نظرة الآخر لتاريخنا ولتركيبة مجتمعنا فيه رؤى تدفعنا للبحث والتقصي لمعرفة أكثر عن التراكم التاريخاني الذهني والفكري الذي أنشأ الإنسان المغربي المعاصر والعلاقات القائمة بين السلطة والدين والمجتمع وأفكار يغلب عليها الترجيح والتغليب لرأيه بدون دليل واضح للإسلام ونظرته للحياة ولبعض الشخصية والأحداث المفصلية التي يقر بحكم لا دليل عليه فأحيانا يدخل في قلب شخصية ويحكم عليها بأنها مدعية, . . الخ استحضرني مثال عند حديثه حول شخصية عبد الله بن ياسين فأرى أن الكتاب ليس للعموم بل للمختصين أو المهتمين بتاريخ المغرب إذ يحتاج لقارئه أن يكون ملما بالأحداث التاريخية وشخصياتها لسببين أولهما أن الكتاب يغلب عليه الطابع التحليلي وثانيهما نظرة الآخر للمغرب بأفكار ومعتقدات ومجتمع مختلف عنا بسياق تاريخي آخر.
.