Attain سلطة الثقافة الغالبة Drafted By إبراهيم عمر السكران Ebook
هذا الكتاب سنةوقرأته بعدها بأعوام. . وأقول: إن كل يوم مضى منذ صدوره حتى قراءتي له كان خسارة. . فقد وجدت في هذا الكتاب بغيتي
رغم معرفتي وإعجابي القديم بالشيخ إبراهيم السكران وهو إعجاب يتزايد مع القراءة له إلا أن الوقت والفرصة لم تسمح بقراءة الكتاب عند صدوره. . ولو قرأته لوفرت على نفسي كثيرا مما كتبت وتكلمت إذ كان يكفيني الإحالة عليه.
ليس من شك أني أعتز وأفخر أن تلاقت أفكارنا مع حفظ المقامات فأين أنا منه لكن الشيخ إبراهيم متميز بعمق شرعي مع ثقافة معاصرة مع سلاسة في العرض. . واجتماع هذا من أندر ما يكون.
نعم لم يضف لي الكتاب شيئا كثيرا في العلم أو في المنهج. . ففكرته الأساسية ومن أفكاره الفرعية أعتنقها قبل قراءتي له لكنه من أمتع الكتب التي قرأتها قاطبة حتى إنني منذ زمن أستعمل لفظ "سطوة الثقافة الغالبة" ولست أدري والله إن كان هذا اتفاقا أم أنني اختزنت عنوانه وأعدت استعماله دون وعي مني أحتاج أن أقلب في أرشيف ما أكتب لأرصد أول استعمالي لهذا اللفظ. .
خطر لي أكثر من مرة لدى قراءة هذا الكتاب أن تدريسه قد يرقى في وقتنا
هذا إلى الواجب لا سيما لطلبة العلم والشرعيين لأنه يلفت أنظارهم إلى مزالق الثقافة المعاصرة. . كما خطر لي أن أجري مسابقة في تلخيصه تحفيزا على قراءته!
وأتصور أن طالب العلم والمثقف المسلم يلزمه قراءة هذا الكتاب بتأمل وتدبر فإن منهجية الثقافة الغالبة تحل له ربما نصف إشكالات المهلكات الفكرية المعاصرة وتزيل من نفسه حرجا كثيرا يشعر به ما بين الدين وما بين الهيمنة العلمانية المعاصرة التي أصابت فيما أصابت كثيرا من المسلمين بل وكثيرا من المنتسبين للمشيخة والعلماء.
وصاحب الكتاب كما هي العادة أسير في سجون السعودية. . وتلك عادة أمثاله في بلادنا. . فنسأل الله أن يفك أسره ويفرج عنه وينفع بعلمه مشكلة السكران أنه لا يفهم أننا ومنذ زمن بعيد قد خرجنا من غوغائية القبيلة إلى نطاق الدولة الرحب الذي هو وبطبيعة الحال نظام غربي. فللأسف لا أمل لنا بالعودة إلى القبلية مرة أخرى اللهم إلا إذا كنت "سكرانا" أو ممتلكا!
لن أعلق على الكتاب لا تجنبا لنقاشات وشجارات فارغة من أي مضمون وليست مجدية فقط لكن لأن الكتاب لا يستحق نقدا مفصلا اللهم إلا إذا أخذت كلامه على محمل الجد وكأنه وحاشاه كلام ونقاش فكري يستحق التأمل.
أجدني هنا مضطرا أن أعامله كما أتعامل مع مزحة مزعجة يلقيها صديق وسط كلام عابر فتجد نفسك مجبرا على الضحك فقط لأنه صديقك لكن يا لسوء الحظ فأبو عمر ليس بصديق.
لن أعلق عليه كذلك لاجتناب سوء الفهم وهو بطبيعة الحال نتيجة طبيعية مع أي كتاب يحكي عن "السنة القرآن السلطة الإجماع" وغيره خصوصا في حالة كون مؤلفه "إسلاميا" لايحتكم إلا إلى "الدين" في رأيه ولا يخضع إلا "لأمر الله" وكأنه يعرفه حقا. على الرغم مما تبدو محاولته بكونها حثيثة للغاية في ذلك. لن أعلق كي لا يؤخذ كلامي على أنه نقد "ديني" لكلام الله بصفتي "تنويري" يعاقب بإلقامي حجرا. ولن أعلق كذلك حتى لا يفهم كلامي بأنه نقد لـ"السلفية" المنتمي إليها الكاتب بجلاء بجلاء يجعله لا يتقبل خلاف فرق الإسلام حتى فما بالك بالكفار
يكفيني القول أن السكران وبعد كل شيء تعلمه وقرأه ودرسه من فلسفة وعلوم طبيعية واجتماعية ما زال يدعونا إلى الهمجية والبربرية والغوغاء بادعاؤه أن هذا هو الشرع القويم وحاشاه وأن كل ما سوى ذلك هو محاولة للتغريب واللبرلة أيا ما كان هذا.
السكران بارع في اختيار عناوين كتبه وفصوله ومواضيعه ولكن ليته كان يمتلك نفس البراعة في "الإبداع" لا مجرد تنطع وفراغ وجهل وعنجهية.
في بداية الكتاب رأيت فيه محاولة جادة لنهج صراط مولانا طه عبد الرحمن رضوان الله عليه وفي نهاية الكتاب وجدته كاتبا "مغلوبا" على أمره تجاه "سلطة" يظنها "فهما" لصريح الدين طبقا "لتراث" السلف رضوان الله عليهم لكنه يبدو أنه قد "صرعه" جهله وغروره قبل أن يقدر على نقض "التغريبيين" أعداء الإسلام.
عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أوثق عرى الإيمان: أن تحب في الله وتبغض في الله.
الفصلان الأول والثالث بهما قوة حجة ووضوح أفكار وثبات مبدأ قوام عظيم والله. .
وكذلك الفصل الثاني لم ينزل عن مستواهما في هذه الأمور لكن شعرت بنقص في بعض المواضع فلم يكن هناك تعليق صريح على المواقف والأحاديث المستشكلة التي استشهد بها يوضح الالتباس لو تمت إضافة حواشي للإيضاح لأخذ الكتاب النجوم الخمس بجدارة.
من أقوى التساؤلات التي قرأتها فيه: لماذا كل الملفات الشرعية الملتهبة اليوم تتعارض مع الثقافة الغربية كاحتجاب المرأة والجهاد والولاء والبراء والمعازف لماذا لا يحتدم النقاش في الساحة الفكرية حول إشكالية التعارض بين نصوص الوحي والثقافة الأفريقية أو الهندية لماذا يتعصب الناس حين تصدر فتوى بتحريم معايدة النصارى في الكريسماس فضلا عن معايدة المسلمين بعضهم بهذه المناسبة! لماذا لا يتعايدون أيضا في مناسبات اليابان أو أعياد الهندوس
الحمد لله الذي فك أسر الشيخ إبراهيم السكران. .