كان رفيقنا هو الله فمم نشتكي الرواية الفائزة بـ البوكر العربيم
أذكر في قاموس أكسفورد الإنجليزي يهبنا من ضمن تعريفات الـالـفكرة مصطلح الـالـرأي / الخاطرة والخاطرة كتعريف أكثر شمولية موفـق للفكرة. عندما تقرأ "موت صغير" يجب أن تعلم أن المؤلف لم يبعد عن نفس موضوعه السابق في أعماله وهو الحب ولابأس بذلك فهي صفة حسنة ونحن بلا قيمة بدون هذا الحب وهذا يعني أننا لسنا ضد هذا الموضوع لا أتخيل كتاب لا ينبض بالحب ولكن نحن ضد تكراريته في طريقة المعالجة.
فموضوع الرواية وهو الحب والعشق ليس بجديد في كتابات علوان ولكن الفكرة مختلفة من ناحية تناولها في إطار تاريخي كنوع من الإسقاط الزمني وهذا إبداع من الكاتب.
علوان في روايـته الجديدة على الأقل هي والقندس أبتعد عنما مضى وثمة تغيير في قصص الحب الفاشلة : التي لم يكتب لها نجاح في الحياة الروائية بطريقة ما في ثلاثيته ذات الموضوع الواحد بالصيغ المختلفة. بينما هنا في "موت صغير" يتحدث عن سيرة الصوفي الشهير محي الدين بن عربي بعيدا عن تعقيدات حياته وغلوه في التصوف وقضايا إسقاط التكاليف الشرعية وخزعبلاته فهو يتناوله من جانب إنساني فقط وتحسب لعلوان خروجه عن المألوف بعض الشيء وتناول جانب روائي لشخصية تاريخية ومشهورة وهذا أجله وأقدره في النص. فالرواية لا تتحدث عن سيرة ابن عربي وفق مراحل حياته التاريخية الحقيقة بزمنيتها المتعارف عليها وأحداثها في ذلك التاريخ بينما في جلها هي سيرة مخترعة بها بعض الأصالة والكثير من التجديد وفق تسلسل زمني رجع فيه الروائي لشيء من سيرته ليصور بها قصة حب وعشق لإبن عربي الإنسان بينه وبين نظام. . الرواية بها الكثير من العمق الفلسفي وتوصيفات صوفية ليتم ملائمة النص مع الإطار العام للصوفية وأجوائها الخاصة بها. غرقت معها كثيرا بين مدن الأندلس وهذا كان له وقع في قلبي.
منذ عهد طويل وأنا اكمل الكتاب أي كتاب حتى ذلك الذي يشعرني بالملل أصبر وأكمله لثقتي في أن ثمة ضوء يأتي في نهاية الطريق. أقول هذا لأن الرواية الطويلة جدا كرواية علوان ستشعرك بالملل لكن لا تحكم عليها إلا بعد نهايتها وإن لم تكملها فقط سقط عنك حق الحكم. ولكني أكملتها فبعد أن شعرت بقليل من الملل جذبتني الرواية منذ بداية النصف الثاني من العمل.
أظنها والله أعلم ستكون أقل روايات علوان في الإقبال عليها من القارئ الخليجي لإعتيادهم على نمط معين من كتابات علوان العاطفية الدرامية جزء كبير من نساء ورجال الخليج يطلبون العاطفة ورقا لفقدهم لها واقع. وإذا ماعرفوا موضوع الرواية وأنها في قالب سيرة روائية لصوفي وتقارب صفحاتها الرقم الــصفحة تمنيتها أقل ماكانت لتحتاج لهذا الرقم أن إلا القليل ربما سيبتعدون عنها وربما من يخوض تجربة القراءة قد لا يكملها وربما تكون مراجعتي بعيدة كل البعد عن التوقعات هنا. لكنني أقدر السياق العام التاريخي للرواية والحديث عن المخطوطات المتعلقة بحياة ابن عربي وأذكر في الأسكوريال في إسبانيا بعض مخطوطات تنسب لإبن عربي يبدو أن مكتبة الإسكوريال تحصلت عليها بعد سطوهم على مكتبة السلطان زيدان : مولاي زيدان عن طريق القرصنة الإسبانية في ذلك الوقت. بعضها مكرر وهو نادر وبعضها من نسخة واحدة وكان جل هذه المخطوطات عبارة عن رسائل أدبية / صوفية تحتاج لمعاجم و"دكشنري” يتم تصميمه من قبل علماء صوفية لفك طلاسمه لا تقدم لك الكثير عن حياة ابن عربي. بينما الفتوحات المكية مع تجاوزاته ربما يقدم للقارئ بعض من مفاهيم وعقلية هذا الصوفي الذي لم أجد فيه غير شاعر حلو المنطق جميل الحرف رائع حد الثمالة وكان ضمن المخطوطات ما يتناول الكثير من سيرة ابن عربي عن نشأته في مرسية وإشبيلية وأذكر خارج الإسكوريال وجدت مثلها
بالتوفيق للكتاب والكاتب طهر قلبك. . لترى!
جملة من ثلاث كلمات. . احتاج محمد حسن علوان ل٦٠٠ صفحة ليكتبها!
طهر قلبك. . لترى!
حقيقة. . احتاج محيي الدين ابن عربي لثمانين عاما ليدركها!
طهر قلبك. . لترى!
لأن الله هناك. . في قلبك!
لا أذكر متى كانت آخر مرة قرأت فيها رواية عدد صفحاتها ٦٠٠ صفحة تقريبا بهذه السرعة. . وبهذه المتعة. هنا محمد حسن علوان مختلف وهنا رواية مختلفة. . وتستحق الفوز بالبوكر!
كنت أعتقد بعد قراءة بعض المراجعات هنا بأن الرواية تتحدث عن المتصوفة ومدارسها/طرقها ولكني بعد أن بدأت بقراءتها اكتشفت أنها تتحدث عن الإمام محيي الدين بن عربي تلك الشمس التي حاول الجهلة والمتشددين حجب نورها بغربال كراهيتهم فما زادها ذلك إلا سطوعا!
لو سألني أحدهم عن ابن عربي قبل عشر سنوات لقلت بأنه زنديق. . بكل بساطة!
لقد ملأ المتشددون قلوبنا كرها وحقدا على هذا الرجل حتى ما عدنا نرى فيه سوى شيطان أو أسوأ من ذلك!
وفي اللحظة التي أزلت فيها الأوساخ من قلبي رأيته بشكل واضح!
نعم, . أحيانا لا نحتاج لتنظيف عدسات نظاراتنا لنرى الأشياء والأشخاص بشكل واضح فالغبش على قلوبنا!
طهر قلبك. . لترى! الرواية ممتعة. كنت اتمنى ان اجد الوقت لاقرأ "قواعد العشق الاربعون" للمرة الثانية لأتمكن من المقارنة بين الروايتين. فالموضوع متشابه وإن اختلفت الحكاية.
كتبت الرواية بعاطفة وشغف اظنها قد غمرت روح كل قارىء لها. واتساءل هل تلك الروح قد حجبت عن من يقرأها عيوب اخرى في بناء الرواية
ولماذا ابحث عن العيوب طالما احببت الرواية إلى تلك الدرجة
ربما لأن الرواية قد حازت على جائزة البوكر واريد ان اعرف كقارئة لا ادري شيئا عن أسس النقد الادبيهل كانت "متعة الحكاية" مقياس نجاحها الاساسي
اخيرا. . لم اقرأ عن الصوفية سوى كتابين في شكل رواية. وبما ان الصوفية هى موضوع الرواية الاساس اجد نفسيعلى الرغم من توحدي مع مشاعر البطل الإيمانيةلا أزال على موقفي "المتعجب" من الصوفية. اجد نفسي اتساءل وانا ابحث مع محي
ابن عربي عن اوتاده الاربعة لماذا اشعر ان الصوفية تعلق "بالبشر" اكثر منها تعلق "بالإله
وكان هذا التساؤل يصاحبني ايضا على ما اتذكر وانا اقرأ قواعد العشق الاربعون وارى التعلق "الغير طبيعي" من شمس الدين التبريزي للامام جلال الدين الرومي. وهذا بالمناسبة ليس "انطباعا" قد تكون بناءا على وجهات نظر دينية لمن قد يظن ذلك ولكن هو انطباع قارىء بعيدا عن الجدل الديني التاريخي الشهير الذي لا افقه عنه شيئا ولم اكون اى رأي بشأنه ايضا.
المشكلة في الروايات التاريخية مثل "موت صغير" تجد ضميرك الادبي يطالبك بأن تبحث عن حقيقة الاحداث وبالتأكيد الرواية التاريخية ليست سجلا او مرجع يعول عليه. ولكن اريد انا اعرف الى مدى قد غير قلم الكاتب الحقيقة. .