Get Your Copy طشاري Brought To You By Inaam Kachachi Published As Interactive Edition

رواية جميلة أسلوبا و لغة و رسالة
رغم فيضان الألم و اليأس الذي يغمر فصولها

حكاية الطبيبة المسيحية وردية التي نزلت ضيفة على ساركوزي لاجئة فارة من حجيم بغداد في سن الثمانين و حكاية ابنتها هندة التي هربت و عائلتها إلى كندا و حكاية ابنة أخيها الراوية التي استقرت أيضا في باريس

هي حكاية العائلات العراقية المهاجرة أو اللاجئة المشتتة في كل أنحاء العالم, تجمع بين الحنين إلى لماضي حين كان العراق حرا و منفتحا و طوائفه متعايشة. تقود النساء السيارات في ستينات القرن الماضي و يتخرجن طبيبات و يسافرن للعمل في الأرياف و يتآزر المسلمون و المسيحيون و يتآلفون دون حرج
ثم ما آل إليه الحال مع الحروب المتتالية من تناحر و تقاتل و انحدار نحو التخلف و الانغلاق

مع ذلك أعتب على الكاتبة في عدة مواضع:
الرواية كانت قصيرة نوعا ما و خالية من عقدة جديرة بهذا المسمى أو من حدث مركزي تلتف حوله الأحداث
النهاية جاءت مخيبة للآمال دون بريق, انتهت هكذا مثلما بدأت ببساطة
هناك استعمال كثيف لمفردات من اللهجة العراقية و أسماء كثيرة لأماك وشخصيات مجهولة بالنسبة إلى القارئ غير العراقي. لم أجد في نفسي رغبة لتقصي أمرها و البحث عنها نظرا لكثرتها

العمل رائع من حيث الأسلوب و انتقاء الكلمات و تنميق العبارات بشكل مغر و ملفت. كل تمنياتي للعمل بالتوفيق في مسابقة البوكر رواية امرأة وطبيبة وأم. رواية العراق المشتت والباحث عن وطن. قصة وطن ينسل من بين أيدي أهله الذين يبحثون عنه وعن مكان جديد ينتمون إليه. قصة مجتمع مسيحي مسلم يهودي انقسم على نفسه
كطلقة بندقية ذهبت الرصاصة على مهل تنخر الجسد العراقي و تتشتت فيه لتنهك كل أعضائه فيسقط الجسد في غيبوبة طويلة لا نعلم متى يستيقظ منها,طشاري رواية حدث و تاريخ موجز للعراق الحديث العراق بلد الحضارات و أول
Get Your Copy طشاري Brought To You By Inaam Kachachi Published As Interactive Edition
الكتابات و أول القوانين و الأول في الكثير من الأمور حتى الألم و حتى التعود على الفقد و الموت, دائما ما أقول أنه ليس هناك رومانطيقية في الموت إلا أن انعام كججي أبت الا ان تقدم لنا الموت مستعجلا على الإفصاح عن رأيه و أصبح الفقد روتينا يوميا لكل عراقي بكافة أطيافه , فهل كان السقوط و تهاوي النظام بريئا أم أن البراءة لعبة تستكين بصمت خلف الأقنعة المجهولة, طشاري رواية التغريبة العراقية مسيرة شعب ناضل من أجل البقاء ببلده حتى خانته الظروف و خانته قدرته على التنصت بحذر على الموت و تجنبه ففضل الاندثار في غربة مفروضة بكل أرض قصية على القنابل الإنسانية المفخخة خلف كل زاوية و كل كرش امرأة مكورة, طشاري تحكي هذه المرة حكاية مسيحية حاولت الكاتبة أن تجعل من الدين و الطائفية في الرواية مجرد شكل لا يختصر الألم العراقي كما حاولت أن تعبر أن المسيحية ليست سوى ضرورة روائية للتعبير عن التناسق المجتمعي الذي كان سائدا بالعراق قبل الانهيار الكبير فالطبيبة وردية عاشت بالديوانية مع أطياف مسلمة سنية و شيعية في تناغم تام وصل حد الخروج في مسيرات الجرح الجسدي الشيعية أو حضور الحسينيات و الاستماع للطميات أو حضور مناسبات سنية وتقبل كل الطوائف في عيادتها الرواية ليست عن الطائفية بل عن المعنى السلبي للحرب على روح الأخوة و المواطنة العراقية, الكاتبة تحمل الحرب تبعة ذلك كله و تبعة ديسبورا العراقية و تبعة أموات بلا مدافن قارة أو تلك المجهولة, المقبرة الافتراضية التي خلقها اسكندر ابن ابنة أخيها العسكري السباق ليست سوى افتراض المفروض و البديهي المقصى من حياة العراقيين الآن.
سيرة رافقت أكبر الأحداث التي مرت على العراق منذ سقوط الملكية و قيام الجمهورية و الصراع بين الاشتراكيين و القوميين و ما تبع ذلك من سنوات الرصاص العراقية و اعتقالات ومنافي وتغييرات اجتماعية ملحوظة
هي سيرة امرأة عراقية سبق أن شاهدت بعضا من أجزائها مع عالية ممدوح في روايتها المحبوبات نساء عاشوا بكرامة و رفضوا الانصياع لقدر أجبرهم على الخنوع لشيء مبهم لم تدركه العقول بعد, غموض يلف المكان و الزمان و يضفي ضبابا على تاريخ بلد يحاول مجهدا الاستمرار في ذهن من ولد خارجه,انعام تعالج مشكلة المقيم بالعراق و المقيم خارجه فلا أحد منهما استعصى عليه الألم و لكل شخص إرهاصاته الذاتية و الشمولية , و المثير في هذه الرواية طريقة السرد و تفرده بشكل يجعلك تشعر بمشاهدة مسلسل تلفزي يبتدأ براوي عام يقدم الشخصية الرئيسية "وردية" ليمنح لبعض الشخصيات حق رواية حيواتهم بالطريقة التي تناسبهم سرد أو رسائل , قسمت انعام الرواية لفصول كمشاهد سينمائية اعتمدت فيها على تقنية الفلاش باك للعودة الى التاريخ و اسقاطاته الحالية كان الأمر مثيرا بداية الى أن سقطت الكاتبة في فخ التقرير نهاية الرواية بشكل بترها و كأنها كانت مستعجلة من الانتهاء منها و هذا الأمر بتر معه انتباهي , كما بدت حكاية بعض الشخصيات أكثر وضوحا و سلاسة عن غيرها من الحكايات فمثلا حكاية هندة أخذت حيزا أكبر من حكاية ياسمين كما جاءت قصة اللجوء الى فرنسا و مشهد قصر الاليزيه ضعيفا نوعا ما و لا يوضح المشهد العام للمهاجر المغترب رغم البداية المشوقة للمشهد بعبارة هذا هو قصر الاليزيه اذن" فافترضنا أن القصة ستحكي حكاية مغترب لنجدها تحكي قصة مقيم و تاريخه أما الاغتراب فهو نتيجة فقط.
حاولت الكاتبة أن تبدو ثابتة في كتابتها للرواية و تمكنت من أن تروي قصتها بشكل إخباري بعيدا عن العاطفة لكن الرواية العربية المشوبة بهمها الوطني و العربي أبت إلا أن تخرج رواية وفية للتقاليد الروائية العربية التي تخاطب قلب القارئ قبل عقله فتعاطفنا جميعا مع الشخصية الرئيسية وردية و مع عائلتها و باقي تفاصيل قصتها بدون التركيز على هويتها الدينية و هو أمر يحسب للكاتبة لكنه أصابني قليلا بالملل بعد أن قرأت ثلاث روايات تصب كلها في نفس المنحى دول لم تمنح لشعبها أي اكتفاء عاطفي و مجتمعي و بدل أن تؤمن له حياة كريمة دفعته إلى اللاانتماء بأي شكل كان.
و أخيرا بالنسبة للعامية العراقية فلم أجد صعوبة في فهمها و هذا شيء لا أعاني منه بالنسبة لكافة اللهجات العربية الأخرى , لكن هذا لا يمنع أن اشدد مرة أخرى كما فعلت مع رواية طائر أزرق يحلق بجانبي أن تجتهد دور النشر و الكتاب في وضع هامش لشرح المفردات العامية فهذا لن يضر أحدا.

هذه رواية محيرة
تنتى نوعا لما أحب توصيفه بأدب المنافى حيث الحنين إلى ماكان ومن كانوا يجتاح كل شىء

الدكتورة وردية طبيبة أمراض النساء والولادة هى بطلة العمل
سيدة عراقية امتد مشوارها الحياتى المرهق والملىء بالعثرات
وإن لم يخلو من أحايين مبهجة
من الديوانية مقر عملها اﻷول إلى بغداد فباريس ف, . . تركت لنا المؤلفة القوس مفتوحا



تعالج الرواية موضوعا ليس بجديد
تشظى المجتمع والوطن اﻷم الرحيل وعذاباته
القلوب والعقول الموزعة بين قارات العالم الست على أمل اللقاء من جديد
اﻷمر الذى لا يحدث للأسف كما نعلم سوى ف الجنازات والعزاءات

الحبكة الرئيسية ترتكز على قصة الدكتورة وردية
كفاحها كطبيبة تعمل
شأن كثير من أطبائنا المناضلين حقا
وسط ظروف بائسة وإمكانيات معدومة
مطالبة بعد ذلك بأن تكون سببا ف اﻹتيان بروح جديدة من رحم أم عراقية منهكة الجسد والروح إلى عالمنا المأزوم أصلا بمن فيه



وصف علاقة الطبيبة بمرضاها يأخذ حيزا
العلاقة تمتد ليأخذ فيها البعداﻹنسانى المساحة اﻷكبر
اﻹنتقال بعد ذلك لباريس بعد أن صار العراق ماكو العراق القديم

وتتبع مسار حياتها بالتقاطع مع حيوات إبنتها هندة ف كندا
وإبنة شقيقها التى تستضيفها ف باريس
تستضيف وردية وابنها اسكندر المراهق النائى بنفسه عن كل شىء
حتى تأتى العمة وردية فينغمس طوعا أو تغمسه كرها ف نهر الذكريات



لا أود اﻹسهاب ف التفاصيل
فقراءة العمل لن يغنى عنها ما نكتبه من نقد موجز
لكن ماقد يعاب ع الرواية
اضطراب السرد نمطا من حيث هوية من يروى وايقاعا بدأ سريعا شائقا وانقلب رتيبا ممطوطا أحيانا



اللغة لابد لى من اﻹشارة إلى أن مجاز الكاتبة أعجبنى
مفرداتها حية وموحية صحيح أن العامية العراقية أزعجتنى قليلا
يعذرونا أصدقائى العراقيين
فكلمات كثيرة تحتاج إيضاحا
وأعلم أن الكاتبة ماكان لها أن تبين ذلك
فطبيعة العمل ومعالجتها الفنية لموضوعه قد تقتضى ذلك بلا بديل



الخلاصة طشارى بتشديد الشين
هى رواية كل مهاجر وكل منفى
معنى الكلمة يعنى ف العموم التشرذم والتفرق
وبداخل العمل عزف جنائزى على حزين على أوتار قيثارة الفقد ولوعة البعادوهو ما أتفهمه أتعاطف معه أعانيه طول الوقت تقريبا

إذن هذا الحب هو المعضلة اﻷبدية التى يقوم عليها هذا العمل وكل عمل يشابهه
فإلى متى سيظل حب الوطن كل وطن من أوطاننا العربية
حبا من طرف واحد

والعبارة للصديق محمد المرزوقى للأمانة.
. .
ثمة حكايات غير قابلة للمحو والنسيان
كوشم في الذاكرة
كأثر حبل سري في جسد
كخارط وطن لايمحوها غزو
هكذا كانت طشاري
"طشاري"
رواية تشظت داخل أوردتي بطلقات متتالية من فوهة قلم "إنعام كجه جي"فاستقرت كل شظية في مكان بعيدا عن الأخر
كل شخصية أسكنتها الكاتبة بداخلي في مكانها المناسب كمقبرة "إسكندر" الإفتراضية التي صممها لجمع أشلاء الأحباب وأحتلت "وردية" بداخل جسدي صحن الجسد الفؤاد وملكته



لم ينجو أحدا من صيد الكاتبة إلا وقنصته وملصته من رحم الطبيعةثم أمسكته من أرجله وطشرته فوق السطور لكي تمنحه الحياة
بغداد في الصباح رائحة المطر ثلوج كندا حتى صوت فيروزوفريد وأم كلثوم كمشتهم كمشة قابلة ماهرة من رحم الذاكرة

أهل دجلة والفرات والموصل والديوانية شمال وجنوب العراق وكل أبنائه مسيحيون ومسلمون ويهود وأكراد, . كل الذين عاشوا في بلدهم العريق. . عاشوا كأسماك نهر دجلة المختلفة الأشكال والأجناسوالتي كانت تسير جنبا إلى جنب في سلام إلى أن حدثت فتنة البحر بأمواج مغرورة فلفظت الأسماك كافة بإهانة وطرحتها خارج أحضانه.

أتخيل وردية وهي تسألني في النهاية بقامتها المنحنية كثمرة موز ناضجة وبذاكرتها الملتهبة بالشخوص والحكايات والبيوت والتي تتناسب طرديا مع الحنين الذي خلفته داخلي أتخيلها وهي تقول لي:
أأعجبتك العراق
فأجيب. . آلمتني العراق ولوعتني الغربة

كرهت الغرب بصلفه صحيح أن الغرب منمقا ومرتبولايزال
والشرق فوضوي وعبثيومازال
لكن الغرب بلا قلب زمهرير بلاده طغي على دفء القلوب فخلف أياد بيضاء لاحمرة ولا نبض فيهاكأيادي البابا التي صافحت وردية في باريس
أما عن الشرق فحضارته باقية وقلوبه دافئة وإن تشظى أهله وتشطروا في البلاد ستظل المرأة عندهم هي الأم والحضن أما عن هؤلاء النساء الحبلى بأحزمة ناسفة وينسبون إلى الشرق أو إلى الإسلام فهن إما سافرات أو انهن اغتصبن من خارج البلاد من عصابات أميركية صهيونية وأبناءهن أبناء خطيئة وأبناء الخطيئة ليس لهم أوطان ولا دين,

الشخصيات النسائية في الرواية كانت لها الصدارة مررتها الكاتبة مرورا حر فتعرفت على كل نخلات العراق الباسقات بدءا ب "وردية " وإنتهاءا ب"بستانة"التي تمنيت أن أنام فوق صحن جلبابها الريفي الدافئ كما كانت تنام"هندة" وألثم كفوفها الطيبة التي تشبه أرض بغداد والموصل


أحببت" هندة " الفتاة القوية الرقيقة المكافحة كأمها أم دميعة بلهجة الكاتبة العراقية فدموع هندة الساخنة على وجنتيها كانت قادرة على أن تذيب ثلج كندا وتحيله نهرا دافئا

أعود ثانية لوردية الزوجة والأم والعمة والطبيبة
وردية التي إختصرت الكاتبة كل حضارة العراق في شخصها
كالمبنى الذي رحلت إليه في شبابها وعلى حد قول الكاتبةمبنى يختصر دوامها وإستراحتها وأوجاعها وحبها فكذلك وردية
كيان يختصر الدوام والإستراحة والألق والأوجاع والحب,

وعن الشتات
لم تنسى الكاتبة ذكر شتات العالم كافة
فكان "غسان الفلسطيني" شتاتا أخر ووجع أخر
وشتات من أسموهم الهنود الحمر التي عاشت معهم الإبنة هندة وأحبتهم,

قرأت الرواية في ثلاثة أيام وكان بإمكاني أن أنهيها في ليلة واحدة لكنني كنت أقضمها كقطعة شيكولاتة أخاف أن تنتهي فكنت ألتهمها بحرص

وضعت بجانبي ورقة وقلم لكي أقتنص الإقتباسات التي أعجبتني فوجدت أنني نقلت ثلاثة أرباع الروايةفلغة كجه جي باسقة فارهة كقامة نخيل بغداد ناعمة كشعر بلقيس الراوي حبيبة نزار
لا شئ يمضي وينتهي لا ذكرى تخبو وتمحى

نعم ياسيدتي ستظل هذه الرواية حية في ذاكرتي ولن تخبو تفاصيلها أوينطفئ الحنين لشخوصها,


إقتباسات

خمسة زائد خمسة حتى ضاع الحساب
تشطب وردية أعداد الراحلين كلما إكتملوا خمسة حتى تعبت من العد

الوطن ليس مجرد تفاصيل انه ياقوت العمر

أخذوا الموسيقى واعتذروا عن الرقاد

كل شئ ينمو ويزدهر حتى الموتحتى عمتي أنظر إليها فأراها تتراجع في العمر وتقترض شيئا من ألق الصبابدل من أن تتقدم في الشيخوخة
اكتفى البياض بما غنم وترك لها الباقي تتباهى به,

هناك مساقط للرؤوس وأخرى للأفئدة


خروجنا من بين قوسي الوطن قد وضعنا في خانتين متعاكستين من العقوق, لم أكن بارة به لأنني أفلت من فكيه المفترستين باكرا
و مضيت بدون رجعة. و كان الوطن عاقا بها نبذها و هي في آخر العمر و لم يشملها بخيمة حمايته.

هل يعوض تفانيها عن تقصيري فتتعادل كفتا الضمير


وأخيرا الوطن ليس مجرد تفاصيل, . إنه ياقوت العمر.

صدقا هذا هو الوطن.

.