Fetch Your Copy Ottoman Egypt And The Emergence Of The Modern World: 1500-1800 Illustrated By Nelly Hanna Available As Pamphlet
هو الكتاب الثاني الذي أقرأه للباحثة " نللي حنا" بعد كتابها الرائع " ثقافة الطبقة الوسطى في مصر العثمانية " وأهم ما يميز كتابات " نللي حنا" هو تقديمها لسرديات تاريخية عن الفترة العثمانية في مصر تخالف السرديات الشائعة في الخطاب الحداثي العلموي التي تنظر إلى ما هو خارج الإقليم الأوروبي فيما قبل القرن التاسع عشر على أنها تواريخ الانحدار !! فهي أقاليم وفق هذه الرؤية ينعدم لها أي دور فاعل في التاريخ.
هذا الكتاب هو استمرار لهذا المنهج الرافض للمركزية الأوروبية على غرار
أطروحة "بيتر جران " في نقض هذه المركزية فالباحثة هنا تهدف إلى دراسة دور مصر في التحولات التي شهدتها الفترة ١٥٠٠و ١٨٠٠م وهي تحولات ارتبطت إلى حد ما بالتوسع في التجارة الدولية فأصبح العالم أكثر اتصالا من ذي قبل وتسارعت وتيرة ما قالت عنه الباحثة التتجير.
يمثل إنتاج النسيج أهم الأنشطة الاقتصادية في مصر وهي أكثر المهن ارتباطا بالأسواق الخارجية ومن هنا يرصد الكتاب آثارها على الحرفيين بمصر وعلى خلاف السائد من الكتابات التي اعتبرت الحرفيين بنى خارج التاريخ ترى الدراسة أنهم عامل فعال في حركة التاريخ لاسيما هنا عند الكلام عن " حرفيي النسيج " وذلك وفقا لمصادر القرن الثامن عشر فقد كانت هناك كثافة لعمليات التصدير للمنسوجات انتشرت عبر أربع قارات فما توصلت إليه " نللى حنا" هنا لا يتفق مع السردية الشائعة عن تدهور صناعة النسيج في تلك الفترة وبذلك استفاد فيما بعد "محمد على" في سياساته التصنيعية من هذا الأساس المحلى في صناعة النسيج وبنى عليه.
إن أطروحة " نللى حنا " تحاول أن تنفي التخلف والتدهور وغيرها من صفات الذم للمجتمع المصري في تلك الفترة فلم تكن مجتمعات ما قبل الثورة الصناعية مجتمعات متخلفة بل استفادت أوروبا من غيرها فمثلا يرصد الكتاب محاولات الفرنسيين الحصول على خبرات الحرفيين المصريين في مجال تلوين الأقمشة وشهد القرن الثامن عشر محاولات متعددة لنقل حرفي نسيج من الدولة العثمانية إلى دول أوروبية مثل : فرنسا هايسبرج أمستردام بغرض إدخال تقنيات عملهم إلى المصانع الأوروبية.
إذن ما يحاجج فيه الكتاب هو نفي المركزية الأوروبية الشائعة في كثير من الكتابات فلم تنشأ الثورة الصناعية بجهود الأوروبيين وحدهم ولكن بالنظر إلى العالم كمكان حر لتبادل الخبرات والأيدي العاملة والحرفيين يثبت هذا أن عالم ما قبل الثورة الصناعية خارج أوروبا لم يكن بهذا الشكل من التدني الذي صورته الكتابات الأوروبية بل لا تنظر إلى هذا العالم على أن له دورا في الثورة الصناعية.
ترصد الكاتبة التطور الذي حدث في اللغة نتيجة رواج التجارة في تلك الفترة حيث تزايد استخدام مستوى من اللغة في النصوص المكتوبة كانت أقرب إلى لغة الكلام الدارجة ومن ثم كانت أكثر وصولا إلى أناس من خارج مؤسسات التعليم وقد عالجت نللى حنا هذه الفكرة بتوسع في كتابها الآخر " ثقافة الطبقة الوسطى" ومن قبل " نللي حنا" تكلم بيتر جران عن العلاقة بين الثقافة التجارية واستخدام اللغة ويمكن مراجعة كتابه " الجذور الإسلامية للرأسمالية " فالعديد من حوليات العصر العثماني كتبت بلغة هزيلة على تفاوت في استخدام العامية بل وصلت العامية إلى سجلات المحاكم الشرعية.
هذا الكتاب تنبع أهميته من كونه يقدم رؤية جديدة للفترة الممتدة من ١٥٠٠١٨٠٠م وهي فترة حاسمة من تاريخنا ولها أثر لما وصل إليه العالم اليوم. تهدف فصول هذا الكتاب إلى دراسة دور مصر في التحولات التي شهدها العالم في الترة بينوم إنطلاقا من فرضية إسهام مصر شأنها شأن مناطق كثيرة خارج أوروبا في تشكيل العالم الحديث.
في هذه الفترة شهدت مناطق العالم تحولات مهمة بسبب نمو التجارة العالمية نتيجة لتطور الطرق البحرية التي ربطت ما بين مناطق متباعدة من العالم بعد أن أصبحت أميريكا للمرة الأولى جزءا من الدوائر التجارية
يقترح هذا الكتاب كتابة تاريخ العالم من أسفل إلى أعلى بمعنى الحديث عن الفئات الصغيرة والناس العاديين مثل الحرفيين والتجار المجهولين وليس الحكام والطبقة السياسية كما جرت العادة لأن هؤلاء الناس العاديين كانوا هم أيضا جزءا من التحولات في هذه الفترة
وهذا الكتاب يقدم طرح لكيفية قراءة التحولات التي مر بها العالم خلال ذلك العصر ليس فقط من خلال التطورات التي شهدتها أوروبا وصنعها أوروبيون بل أيضا دور العالم غير الأوروبي في صناعة تاريخ العالم الحديث. لأن المجتمع المصري مثله مثل مجتمعات أخرى عديدة غير أوروبية له تاريخه الخاص الذي يجب أن يفهم وأن يدرس