Take البوسنة والهرسك Translated By جمال الدين سيد محمد Expressed As E-Text
الملاحظ في مقدمة الكتاب أن المؤلف انتهى منه في ديسمبر عامم وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب الشعواء التي شنها الجيش الصربي وصرب البوسنة ضد المسلمين كما يلفت النظر ذلك العنوان الخالي من أية سمة سوى “البوسنة والهرسك” ويبدو أن الكاتب ونظرا للظرف الطارئ الذي يكتب فيه اكتفى بأن وضع اسم البلد التي يدور حولها محتوى الكتاب دون التكلف في إضافة أي عبارات جذابة أو دعائية أو تفسيرية هكذا بكلمة واحدة “البوسنة والهرسك” ربما يعد ذلك قصورا في إخراج الكتاب لكن لا تثريب عليه بما احتوى من مضمون. والكتاب عبارة عن دراسة قصيرة تتضمن مجموعة من المقالات بلغ عددهامقالة متنوعة متفاوتة بين قصيرة ومتوسطة جمعها الكاتب بأسلوب غير متكلف ولا مطنب وعززها بمعلومات تاريخية وجغرافية وأدبية وثقافية عامة عن البوسنة والهرسك وأهلها.
وقد تناول في مقالاته الأحداث الجارية في البوسنة والهرسك وبالتحديد حرب التطهير العرقي التي شنها الصرب وتناول في مقالات أخرى تاريخ وجغرافية البوسنة وبعض أهم مدنها وقدم لنا إضاءات مفيدة عن الاهتمام بالاوقاف الإسلامية وبالتحديد أوقاف الغازي خسرو بيك كما كتب عددا من المقالات الثقافية ذات الصلة باللغة والادب في البوسنة والهرسك وأهم أدباء هذه البلاد وسمات إنتاجهم ومقالة أخرى عن الاستشراق.
والحق أن المقالات كانت ثرية بمحتواها سلسة في أسلوبها وكتابتها
لم يعمد فيها المؤلف إلى الإغراق في التفاصيل وكذلك كان من الملاحظ أن هذا الكتاب الذي يتزامن مع نشوب الحرب الضروس لم يجعله المؤلف مجرد بكائيات على حال البوسنيين وشحن عاطفي للقراء واستجداء لدموعهم رغم تعاطفه الواضح مع مسلمي البوسنة وانتصاره لهم ولحقهم في الحياة ورفضه للحرب التي يشنها الصرب عليهم واستنكاره للصمت العالمي لكنه مع ذلك حافظ على الخط الموضوعي وتعرض بالنقد والمعالجة الموضوعية لكافة أوجه الحياة لدى مسلمي الوسنة.
ومن بين أهم الملاحظات تكرار الكاتب لطرح فكرة تجاهل الاتحاد اليوغسلافي للتركة الثقافية والأدبية لمسلمي البوسنة بل ومحاولة التعتيم ليها وإخفائها عن الأعين وهذا السلوك ليس منحصرا في قادة الاتحاد اليوغسلافي الاشتراكي بل مسبوق بعدة سوابق مثل إغفال اسم البوسنيين عند تشكيل مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين عامم والتي كانت البوسنة جزءا في هذه المملكة ومن هذه المحاولات مصادرة أوقاف المسلمين وأملاكهم في البوسنة وتوطين قوميات أخرى فيها لتفتيت الهوية البوسنية ومنع وحظر كثير من الأنشطة والشعائر الدينية للمسلمين كما تعرض مفكرو البوسنة وعلمائها للسجن كثيرا وهنا نتذكر قضية محاكمة وسجن مثقفي البوسنة مطلع الثمانينات والتي كان الرئيس علي عزت بيجوفيتش أبرز ضحاياها.
لكن هذه الممارسات الاقصائية والتهميشية لم تكن مقتصرة على جهود الحكومة والنظام اليوغسلافي بل لقد تبنى بعض المثقفين اليوغسلاف هذه الأساليب ودعموها بكتاباتهم وأعمالهم العلمية والأدبية ومن هؤلاء الأديب البوسني إيفو اندريتش صاحب جائزة نوبل والذي يذكر الكاتب أن رسالته في الدكتوراه التي نالها من جامعة جراتس في النمسا عامم كان عنوانها ومضمونها “الحياة الفكرية في البوسنة والهرسك في عهد الأتراك” ويضيف المؤلف د. جمال الدين أن الأديب إيفو اندريتش حاول في رسالته البرهنة على التخلف الأدبي والثقافي للبوسنيين واعتبر ذلك كشفا علميا وقد عالج نفس هذه الفكرة في عدد كبير من رواياته وقصصه التاريخية عن البوسنة وأهلها.
والمؤلف ليس غريبا على الاتحاد اليوغسلافي إذ عاش في بلغراد فترة من الزمن لا تقل عنسنوات وزار سراييفو وبعض المدن البوسنية الأخرى عدة مرات وحصل على درجتي الماجستيرسنةوالدكتوراهسنةمن كلية اللغات بجامعة بلغراد وقبلها كان قد تخرج من كلية الألسن بجامعة عين شمس قسم اللغة الصربوكرواتية سنةم وقد تعمق أكثر في الدراسات والأعمال الأدبية واللغوية الصربوكرواتية فأنتج عددا من الترجمات لأعمال أدبية يوغسلافية وله أيضا ترجمات من اللغة العربية إلى لغات شعوب يوغسلافيا سابقا كما أنه نشر كتابا عنوانه “الأدب اليوغسلافي المعاصر” ضمن سلسلة عالم المعرفة التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت عامم.
لقراءة المزيد:
sitelink wordpress. com/ الكتاب الذي يشرف بأن يكون بين أيديكم يضم دراسات وأبحاث تستهدف ببساطة شديدة التعريف بجمهورية البوسنة والهرسك الوليدة عن طريق عرض غاية في الإيجاز لبعض الجوانب التاريخية والحضارية والدينية واللغوية والثقافية والأدبية.
وغاية ما يهدف إليه مؤلف هذا الكتاب هو إنقاذ ملف مسلمي البوسنة والهرسك من الضياع في خضم الأحداث السياسية وتسجيل بعض ملامح تلك السمات الإسلامية التي أراد البعض عن عمد محوها كما يود المؤلف أن يسجل لقطات سريعة لبعض المدن التي جرت تسويتها بالأرض في هذه البقعة من العالم وأن يصور مشاهد لبعض الآثار الإسلامية الثرية.
وأراد المؤلف أن يبرز النسائم الإسلامية التي تتضوع من أعمال أدباء هذه الجمهورية وأن يدعم الهوية الإسلامية للأغلبية من شعب البوسنة والهرسك. .